بدعم من ماريا أبلادا من مركز “تو سبيتي – استشارات – لقاءات – مشاركة”، وهي جهة الاتصال الأولى في نويكولن ببرلين، وخاصةً للشعب اليوناني، نظّمت مُحاضِرتنا آليزا بوتشر جولة لقاءات ونقاش للنساء من ذوات الأصول المهاجرة وغيرهن. دار مساء هذا الخميس حديث بين تسع نساء من اليونان وسوريا.
تجاذبت المشاركات أطراف الحديث عن تجاربهن المتشابهة والمتنوعة أيضًا في الهجرة والوصول إلى ألمانيا والتحديات وحول مشاعرهن أيضًا. إحدى المشاركات جاءت إلى ألمانيا قبل ست سنوات وبرفقتها ثلاثة أطفال. كان زوجها سجيناً في سوريا في ذلك الوقت. اجتمع الشمل حاليًا مرة أخرى، لكن السجن كان له تأثيرً نفسيًّا قويًّا. من المفترض أنها ذهبت أولاً إلى تركيا انطلاقًا من سوريا برفقة أطفالها. وصلت برفقة الأطفال على متن زورق مطاطي عبر البحر الأبيض المتوسط إلى اليونان قبل التوجه إلى برلين. أخبرتنا بوضوح عن مدى خطورة وصعوبة الفرار. فالخوف من الموت لا يفارقك ولو للحظة. لذا غمرتها سعادة كبيرة عندما وصلوا إلى ألمانيا سالمين.
أما صديقتها الفلسطينية السورية البالغة من العمر 55 عاماً، فقد عاشت تجربة فرار من سوريا مختلفة تماماً. كانت أسرتها في ألمانيا بالفعل، وتمكنت من السفر بأمان نسبيًا على متن طائرة، ولكنها لم تشعر بهذا النوع من الارتياح والنجاة مثل صديقتها لدى وصولها إلى ألمانيا. وهنا تلاحظ ماريا أبلادا، التي انتقلت من اليونان إلى ألمانيا قبل 23 عامًا، أوجه تشابه مع العديد من عميلاتها من اليونان. وهذا ما أكدته أيضًا إحدى المشاركات، والتي تبلغ من العمر 58 عامًا، حيث جاءت إلى ألمانيا في عام 2016 بسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر في وطنها اليونان. ورغم أن هذا كان قرارها، إلا أنها لم تشعر بهذا الارتياح بعد وصولها. تعيش إحدى المُشاركات في ألمانيا منذ سبع سنوات. كانت تعيش في سراييفو مع أسرتها لمدة أربع سنوات، لذا لم تكن الرحلة إلى ألمانيا تمثل تهديداً لحياتها. فالتحديات التي واجهتها لم تبدأ إلا في ألمانيا. ونظرًا لأن معلمة اللغة الفرنسية تُدرّس مادة واحدة فقط، فلا يُسمح لها بالتدريس في المدارس الألمانية. وتعمل الآن في شركة تجهيزات وتوريدات أغذية، وهي تحب عملها، ولكنها تفضل لو أنها تعود للتدريس مرة أخرى. إحدى المشاركات أيضاً كانت تعمل كمدرسة تربية رياضية في سوريا، ولكنها لا تعمل بمهنتها في ألمانيا، بل تعمل بائعة. روَت لنا الفلسطينية السورية قصة فرارها الثانية في عام 2015. كان الفرار الأول من فلسطين إلى سوريا. كانت متأثرة عندما روَت لنا هذا الأمر وأخبرتنا عن الحرب الحالية في غزة، وقالت؛ الأم الأولى فلسطين أنجبتني، والأم الثانية سوريا ربّتني. إنها تتمنى “السلام للجميع”.
تحدثت النساء عن التحديات ونقاط قوتهن والأحكام غير المدروسة، خاصةً تلك التي تُوجّه إلى المسلمات المحجبات. وصفت إحدى المشاركات الأمر على النحو التالي: “أنا أرتدي حجاب، ولكنني أحب الحياة. أنا أرتدي حجاب ولكني لستُ خطرًا.” اتّسَم الحديث النسائي بالصراحة والتعاطف، وسادت الأمسية أجواء ممتعة رغم صعوبة الموضوعات.